[الشرح]
هذا الحديث حديث مشهور؛ وذلك لكونه في كتاب التوحيد، قال عليه الصلاة والسلام (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتى يَكونَ هواهُ تَبَعًا لما جِئْتُ بِهِ) وهذا حديث حسن، كما حسنه هنا النووي، بل قال(حديث حسن صحيح)، وسبب تحسينه أنه في معنى الآية وهي قوله جل وعلا)فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا([النساء:65] وتحسين الحديث، بمجيء آية فيها معناه مذهبُ كثير من المتقدمين من أهل العلم كابن جرير الطبري، وجماعة من حذاق الأئمة والمحدثين.
وقوله هنا (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتى يَكونَ هواهُ تَبَعًا لما جِئْتُ بِهِ) يعني الإيمان الكامل لا يكون، حتى يكون هوى المرء ورغبة المرء تبعا لما جاء به المصطفى ؛ يعني أن يجعل مراد الرسول مقدما على مراده، وأن يكون شرع النبي مقدما على هواه، وهكذا، فإذا تعارض رغبه وما جاء به، جاءت به السنة، فإنه يقدم ما جاءت به السنة، وهذا جاء بيانه في آيات كثيرة، وفي أحاديث كثيرة، كقول الله جل وعلا )قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ([التوبة:24]الآية إلى أن قال)أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ([التوبة:24] فالواجب أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وإذا كان كذلك فسيكون هوى المرء تبعا لما جاء به المصطفى.
إذن في قوله (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم) هذا فيه نفي لكمال الإيمان الواجب، وهذا ظاهر من القاعدة التي سبق أن ذكرناها لكم، وتتمة الكلام على شرح الأحاديث فيما قدمناه من شرحنا على كتاب التوحيد.
¹