الصفات العامة لبرج العذراء
بما أن كلمة العذراء ترمز إلى الطهارة و العفة قد نجد بين مواليد هذا البرج العديد من الأشخاص العازبين و المنادين بمبدأ الارتباط العذري . غير أنه لا يجوز تعميم القاعدة لأن الكثيرين أيضا يتزوجون و يستقرون و كثيرا ما ينجحون في دور الأزواج و الآباء إلى أقصى حد . من الظواهر التي لا يختلف فيها اثنان ظاهرة بعد هؤلاء الأشخاص عن الحشود و الاحتفالات و ما شابهها و ذلك لسببين رئيسيين : الأول مزاج خاص يجعل اختلاطهم بالناس صعبا و يحول بالتالي بينهم و بين وسائل الترفيه و السلوى , و الثاني نداء الواجب الذي يشغلهم عن التفاهة و السطحية .
مولود برج العذراء قليل الأحلام و التصورات , يرفض التلهي بفقاقيع الهواء و قصور الرمال . كل من يراه أول وهلة يعتقد أنه مشغول الفكر بقضية عويصة تنتظر منه الحل أو قلق من جراء أزمة نفسية تتنازعه . و الواقع أن هموم هذا الإنسان عادة متأصلة فيه . إنها وليدة طبعه و مزاجه ولا يد لأحد فيها . حتى الابتسامة المشرقة على وجهه تظهر مشحونة بالقلق و التفكير . و مع ذلك تبدو قسماته هادئة مسترخية في معظم الأحيان الأمر الذي يناقض الأثر الذي يتركه في الناس أول وهلة .
هذا الإنسان الذي عرفت عنه الكفاءة و البرود و صفاء الذهن قلق في قرارة نفسه إلى الدرجة التي يهتز معها توازنه النفسي و الصحي , ومع ذلك يسعى للقيام بواجبه حتى النهاية و إن كان يقبل التظاهر بالمرض في بعض الأحيان ليستطيع رفض أمر ما فرض عليه . و فيما عدا ذلك هو صادق الرأي و الكلمة , جدير بتسلم المهام و المسؤوليات , يمكن الاعتماد عليه في أقصى الظروف و أكثرها تعقيدا . إنه أيضا قليل الأوهام تجاه الناس و الحياة , يدرك حقيقة الأشياء و يعرف تماما إلى أين يسير حتى وهو غارق في الحب . إلى جانب ذلك له مواقف معينة بالنسبة إلى أكله و شربه و صحته و نظافته و على الخصوص هذه الأخيرة التي لا يجاريه فيها أحد .
ليس مواليد برج العذراء جميعا عقلانيين متمسكين بالواقع , فبعضهم يبدو مغلفا بالأحلام على الرغم من عقله الذي يرفض ذلك . لكن مما لا شك فيه أنهم جميعا دون استثناء يكرهون في سواهم الإهمال و التقصير و الكسل و الغباوة , ولا يستبعد أن تثير فيهم تلك النقائص و العصبية على الرغم من عذوبتهم الطبيعية التي فيها راحة و بلسم للمرضى , و لهذا السبب هناك ممرضات عديدات ينتمين إلى برج العذراء . حتى من لم يمتهن منهم التمريض يحرص على صحته و صحة غيره بواسطة الأدوية و العقاقير مع أن مولود برج العذراء يرفض تناول أي دواء ما لم يعرف الكثير عن تركيبه و كيفية استعماله و فوائده .
مواليد برج العذراء أكثر الناس تمسكا بالعادات و أمهرهم في فن الجدل و النقاش . إذا بحثوا أمرا غاصوا في تفاصيله و تعرجاته إلى درجة إثارة جنون البعض , لكنهم أقدر الناس على فك الرموز و العقد و إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي . وهم أيضا على استعداد تام للمساعدة , و كثيرا ما يسرعون إلى انتشال الآخرين من الضياع دون أن يطلب منهم ذلك . إن أكثر ما يساعدهم على النجاح في مثل تلك المهمات الصعبة عقلهم المنظم إلى حد بلورة الأهداف و حذف كل الهوامش التي من شأنها أن تعرقل سير القضايا . انطلاقا من ذلك يمكن القول إن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بدقة الملاحظة وصفاء الذهن و انكشاف الرؤية بحيث يصبح سهلا عليهم تلمس مواطن الضعف عندهم و عند سواهم مع فارق بسيط هو أنهم يرفضون الإشارة إلى ضعفهم من قريب أو بعيد .
من السهل جدا اكتشاف مولود العذراء في جمع ما . فهو غير قادر على الجلوس هادئا مدة طويلة . يفضل زرع المكان جيئة و ذهابا , و يوحي بأن أشياء مهمة تنتظره في مكان آخر . في مشيته بعض الغرابة هذا إن لم يكن أعرج فعلا . حريص على المال و العاطفة , يكره طلب حاجة على الرغم من استعداده الكبير للمساعدة . و بما أنه يرفض الاتكال على أحد يسعى لتأمين شيخوخته بكل الوسائل . يكره جدا البطالة و التسول , لكنه لا يتردد في إعانة المعوزين و المستحقين . حرصه يمتد إلى وقته فلا يقبل أن يفرط فيه مهما تكن الأسباب .
إذا اتهم هذا الإنسان الطيب بالأنانية فبسبب تمسكه بمبادئه و إصراره على الرفض في حالة عدم اقتناعه . من الجائز أن تنهار صحته – الممتازة أساسا – بفعل التشاؤم و الهموم و الضغوط النفسية و الجسدية . اهتمامه بصحته و غذائه يدرأن عنه المرض لحسن الحظ .
من أفضل مزاياه الواقعية و الصدق و التنظيم و الاقتصاد و التمييز و الوضوح . حتى مواقفه السلبية تتسم بالقوة و الفعالية . و البرهان على ذلك تمرسه في النقد الذاتي في الوقت الذي يصعب فيه على الآخرين نقدهم له .
و باختصار إن في هذا الإنسان من المقدرة و الشجاعة ما يكفي لتحديد مصيره بنفسه أكثر من الآخرين . وهو بتحكمه في أحلامه يبقى خارج دائرة الهوس و اللامعقول أكثر من أي إنسان آخر . يضاف إلى هذا – و هو شيء غير متوقع من هذا النوع من الأشخاص – أن مولود برج العذراء شديد الجاذبية متى علق به القلب لا يعود يستطيع الانفصال عنه في حال من الأحوال .
الرجل العذراء
لم يخلق حتما للمرأة العاطفية المتعطشة أبدا إلى عبارات الوجد و الهيام , و إذا قدر لهذه المرأة أن تقع في حب رجل من هذا النوع فلا بد من أن تتحول نارها يوما إلى صقيع بسبب برود مظهره و نظرته المادية و فكره البعيد عن الوهم و الخيال . لكن واقعيته هذه أكثر ما تتناول حياته الفكرية و ليس مستحيلا بالتالي جره إلى العلاقة الطبيعية التي تنشأ عادة بين الرجل و المرأة . إلا أنه في الحب لا يشبه روميو جولييت ولا قيس ليلى لجهله فن البكاء و التحرق و اللوعة , و لتفضيله وسائل التعبير الأقرب إلى الحياة العملية كحسن المعاملة و الرعاية و الإخلاص .
يبدو هذا الرجل أول وهلة كأنه صنع من الفولاذ و الثلج في آن واحد , و مع ذلك هناك و سائل تساعد على غزو قلبه المنيع , إلا أنها غير الغنج و الملاحقة و العداء و الإصرار و جميع الطرق الأخرى التي تسلكها المرأة عادة في الحب . تدور الأمور التي يهتم بها الرجل الذي ينتمي إلى برج العذراء حول نوع الحب لا كميته , لذلك قلما يقع فيه . وإذا وقع بصورة جادة سرعان ما ينكشف له حظه العاثر في هذا الميدان فيحاول دفن عذابه في عمله , و يزداد بعده عن الناس , و يضاعف الحيطة و الحذر كي لا يقع مرة أخرى .
إن سلاح المرأة مع هذا الرجل الصبر و التأني و الحذر . هذا من ناحية , و من ناحية أخرى لتعلم أن الطهارة شيء مقدس في نظره و أن حياة العزوبة ليست ثقيلة عليه كما يعتقد . فإذا وضع القدر بعض العراقيل على طريق زواجه حاد عنه و بقي عازبا عن قناعة و رضى . يتمتع في الوقت ذاته بسحر خفي لا يوصف . لا أحد يعلم بالضبط كيف و متى ينجذب نحوه الآخرون و لكن الجميع يعلمون أن أكثر القلوب مناعة يهوي تحت ضغط جاذبيته الشديدة . و تنطوي شخصيته على الفكر الحاد و المادة الصلبة . و بما أنه متواضع و محب للتحليل و الاختبار في الوقت نفسه يصعب عليه إقامة علاقات جسدية بحتة , فهو مترفع حتى في القضايا الجنسية , و الحب عنده أقرب إلى الطهر منه إلى الشهوة . كل ذلك بالإضافة إلى أن ميله إلى النقد يجعله يواصل البحث طويلا قبل أن يجد فتاة أحلامه . و بكلام آخر إن تحريك هذا الإنسان على الصعيد العاطفي وحده صعب إن لم يكن مستحيلا و خصوصا لأن في وسعه العيش وحيدا طوال حياته دون أن يشعر بأي حنين إلى شريكة العمر التقليدية .
بعض مواليد برج العذراء يقيمون العلاقات الجنسية المحضة من باب الفضول فقط , و لكي يثبتوا لأنفسهم أنهم كاملوا الرجولة , لكن ما أن يتأكد لهم الأمر حتى يقطعوا كل علاقة من هذا النوع و يتحولوا إلى ما هو أسمى و أجدى . أما في الحب الحقيقي فكل مواليد برج العذراء تقريبا صادقون أوفياء لا يسعون لتبديل أو تغيير . من الحسنات التي اشتهروا بها في الزواج اهتمامهم بأبسط الأشياء إرضاء لزوجاتهم , و بذل كل الجهود لإزالة العقبات من طريقهن و الحفاظ على الروابط العائلية ما دامت لا توجد أسباب وجيهة تدعو إلى عكس ذلك . و مع أنهم ليسوا شديدي الغيرة إلا أن العزة و الكرامة تقودانهم أحيانا إلى الطلاق .
يفضل مولود برج العذراء المرأة التي تعني ببيتها و مطبخها و نظافة أولادها . لا يهمه كثيرا أن يرزق أولادا , لكن إذا ما جاءوا أحسن رعايتهم و تربيتهم و بث فيهم الخلق الرفيع و الفكر السامي و المواطنة الصحيحة , وهم بدورهم يأخذون عنه حب الثقافة و احترام العلم و الآداب . لكن يخشى أن يقوم بين هذا الرجل و بين أولاده مع الوقت جدار من البرود و الجفاء لا لسبب سوى تردده في إظهار الحب و الحنان .
مهما تكن عيوب هذا الرجل يبقى عنده من الحسنات و القيم ما يكفي لكي يشعر جميع نساء العالم بالغيرة و الحسد تجاه الزوجة التي اصطفتها فكره و قلبه .